شرح الجامع الصحيح فى أمس ما يحتاجه أهل هذا العصر من الحديث

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

ان الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا انه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له واشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) [1]

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )[2]

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )[3]

اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله واحسن الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وان شر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعه وكل بدعة ضلاله وكل ضلالة فى النار

 ثم اما بعد :

(وَمَا فَعَلْتُهُۥ عَنْ أَمْرِى)[4]

قال الإمام السخاوى فى ألفيته :

واحفظه بالتدرج ثم ذاكر          به والإتقان أصحبن وبادر

إذا تأهلت إلى التأليف          تمهر وتذكروهو فى التصنيف

طريقتان جمعه أبوابا          أو مسندا تفرده صحابا

وجمعه مللا كما فعل          يعقوب أعلى رتبة وما كمل

وجمعوا أوابا أو شيوخا أو         تراجما أو طرقا وقد رأوا

كراهة الجمع لذى تقصير         كذاك الإخراج بلا تحرير

قال الإمام السخاوى فى فتح المغيث فى شرحه على هذه الأبيات :

معنى التأليف والتصنيف وفوائدهما :

وبادر إذا تأهلت واستعددت إلى التأليف الذى هو أعم من التخريج والتصنيف والإنتقاء.

إذ التأليف : مطلق الضم , والتخريج إخراج المحدث الأحاديث من بطون الأجزاء والمشيخات والكتب ونحوها , وسياقها من مرويات نفسه أو بعض شيوخه أو أقرانه أو نحو ذلك , والكلام عليها وعزوها لمن رواها من أصحاب الكتب والدواوين مع بيان البدل والموافقة ونحوهما مما سيأتى تعريفه , وقد يتوسع فى إطلاقه على مجرد الإخراج والعزو .

والتصنيف : جعل كل صنف على حدة , والإنتقاء : إلتقاط ما يحتاج إليه من الكتب والمسانيد ونحوها مع إستعمال كل منها عرفاً مكان الآخر .

فباشتغالك بالتأليف ( تمهر ) بالجزم مع ما بعده جواباً للشرط المنوى , فى الأمر فى الصناعة وتقف على غوامضها ويستبن لك الخفى من فوائدها ( وتذكر ) بذلك بين العلماء والمحصلين إلى آخر الدهر , ويرجى لك بالنية الصادقة الرقى إلى أوج المنافع العظيمة والدرجات العلمية الجسيمة .

وقد قال الخطيب فى جامعه : قلما يتمهر فى علم الحديث , ويقف على غوامضه , ويستبين الخفى من فوائده إلا من جمع متفرقة , وألف مشتته وضم بعضه إلى بعض , واشتغل بتصنيف أبوابه , وترتيب أصنافه , فإن ذلك الفعل مما يقوى النفس , ويثبت الحفظ , ويذكى القلب , ويشحذ الطبع , ويبسط اللسان , ويجيد البنان , ويكشف المشتبه , ويوضح الملتبس , ويكسب أيضاً جميل الذكر , وتخليده إلى آخر الدهر , كما قال الشاعر :

يموت قوم فيحيى العلم ذكرهم        والجهل يلحق أحياء بأموات

انتهى .

ونحوه قول الحسن بن على البصرى :

العلم أفضل شىء أنت كاسبه         فكن له طالباً ما عشت مكتسباً

والجاهل الحى ميت حين تنسبه          والعالم الميت حى كلما نسبا

وما أحسن قول التاج السبكى : العالم وإن امتد باعه واشتد فى ميادين الجدال دفاعه واشتد ساعده حتى خرق به كل سد سد بابه , وأحكم امتناعه .

فنفعه قاصر على مدة حياته , ما لم يصنف كتابا يخلد بعده أو يورث علماً ينقله عنه تلميذ إذا وجد الناس فقده أو تهتدى به فئة مات عنها , وقد ألبسها به الرشاد بردة .

ولعمرى إن التصنيف لأرفعها مكاناً لأنه أطولها زماناً وأدومها إذا مات أحياناً , ولذلك لا يخلو لنا وقت يمر بنا خالياً عن التصنيف , ولا يخلو لنا زمن إلا وقد تقلد عقده جواهر التأليف , ولا يجلو علينا ساعة فراغ إلا ونعمل فيها القلم بالترتيب والترصيف .

قال الخطيب : وينبغى أن يفرغ المصنف للتصنيف قلبه ويجمع له همه , ويصرف إليه شغله ويقطع به وقته وقد كان بعض شيوخنا يقول : من أراد الفائدة فليكسر قلم النسخ , وليأخذ قلم التخريج .

وحدثنى محمد بن على بن عبد الله الصورى قال : رأيت أبا محمد عبد الغنى بن سعيد الحافظفى المنام فى سنة إحدى عشرة وأربعمائة فقال لى : يا أبا عبد الله خرج وصنف قبل بينك وبينه , هذا أنا ترانى قد حيل بينى وبين ذلك ثم إنتبهت ؟

وساق قبل يسير عن عبد الله بن المعتز أنه قال : علم الإنسان ولده المخلد .

وعن أبى الفتح البستى الشاعر أنه أنشد من نظمه :

يقولون ذكر المرأ يبقى بنسله          وليس له ذكر إذا لم يكن نسل

فقلت لهم نسلى بدائع حكمتى          فمن سره نسل فإنا بذا نسلوا

ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا مات الإنسان انقطعى عمله إلا من ثلاث , صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له )[5][6]

وأظن أن الإمام السخاوى رحمه الله قد أغنى عنى سبب تأليفى لهذا الكتاب .

والآن إلى السؤال الذى هو لُبُ هذا العمل :

كيف يسير ترتيب الكتاب ؟

مبدأيا كل ما انتقيته فى هذا الكتاب من الأحاديث صحيحة إن شاء الله ثم إنى رأيت أن أشرح هذه الأحاديث لإن علمنا فى زمننا هذا ليس كعلم السابقين كما أنه ينبغى الإشارة للمفهوم الصحيح لهذه الأحاديث والمفهوم الذى أراده الشارع منها وليس كل امرىء يفمه على مراده وهذا أخطر ما فيها ومن هنا ظهرت الفرق والبدع وبعض الأراء الفقهية الغارقة فى التخبط إلى اليوم وهذا نتيجة إعمال الرأى الشخصىى ووضع كل شخص فى رتبة فقيه لنفسه أى ينصب نفسه فقيهاً ولم يطلع إطلاعاً كافياً على أراء علماء السُنة الأجلاء الذين إستقوا فهمها من القرآن والأحاديث ومجموع الطرق والروايات وآراء التابعين الذين إستقوا من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وآراء الصحابة أنفسهم الذين إستقوا من النبى صلى الله عليه وسلم ففهموا مراد الشارع على ما أراد وليس على ما أرادت أنفسهم وحتى وإن إختلفوا فى لفظاً واحداً فإنهم يرجعون إلى روايات الأحاديث ودرجة صحتها وأحوال الرواة وتحكيم اللغة وعرض الأمور على ما شابه منها من القرآن والسنة فإن إختلف عالمان أو أكثر من أهل السُنة فننظر إلى أصول حججهم ودرجة الصحة سواء كان لُغة أو تفسيراً أو حديثاً أو غيره ثن نُرجح أو نأخذ بكلا الرأيين إن كان فيه إتساع وتساوت صحة حججهما .

ولقد رتبت هذا العمل المبارك إن شاء الله على التالى :

بدأته بالمسلسل بالأوليه لما هو معروف عند المحدثين بالبداية به على شرطه كما أننى أنبه فيه على التراحم فى كل شىء وسيأتى المزيد عنه .

ثم ثنيته بحديث إنما الأعمال بالنيات لما هو معروف عند عدد من المصنفينة من أهل الحديث وفيه تنبيه على حسن النية والمقصد سواء منى أو من طالب العلم أو المسلمين أجمعين .

ثم نبهت على فضيلة طلب الحديث وعلى عقيدة المسلم وما يحتاجه مما يتفقه به من أمور دينه على الضرورة

 

   : الحديث الأول : حديث الرحمة المسلسل بالأولية 

 

" عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"

 

  : تخريج الحديث

 

ملحوظه : التخريج على هذا اللفظ المذكور في الحديث وليس على زياداته , وإذا ذكرت زيادة أو لفظ آخر قابلنى فى رواية أخرى لا أذكره بعداً عن الإطاله والتكرار إلا ما إضطررت فيه لذلك والله المستعان .

أخرجه أبو داود (4941) , الترمذى فى البر والصلة (1924) , والبيهقى فى الكبرى واللفظ له (17348) , وأحمد (6494) , والحميدى فى مسنده (575) ورواه بلفظ أهل السماء , وابن أبى شيبة فى مصنفه - ورواه بلفظ أهل الأرض (25355) , وفى البر والصلة للحسين بن حرب (121) – بلفظ أهل الأرض وأهل السماء – وبزيادة " الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله ومن قطعها قطعه الله – قال سفيان الشجنة : الشىء الملتزق (24852) , والحاكم فى المستدرك (7383) , ومسند عبد الله بن المبارك (273) , والنفقة على العيال لابن أبى الدنيا (253) , والرامهرمزى فى المحدث الفاصلبين الراوى والواعى (702) – بلفظ : الراحمون يرحمهم الله , فارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء , وأبو الفتح الخرقى فى الفوائد الملتقطه (222-223) , والعراقر فى العشاريات (59/1) , والمعجم الأوسط للطبرانى (9009) , والمعجم الكبير له (2435) , والدولابى فى الكنى والأسماء (99) , والخرائطى فى مساوىء الأخلاق (256) , والمنذرى فى الترغيب (3/255) , ورواه البخارى فى الكنى (574) – روى شطره الأول .

من صححه من العلماء :

الترمذى بعد روايته قال حديث حسن صحيح , ابن دقيق العيد فى الإقتراح (127) , ابن تيمية فى الإستقامة (1/440) , : قال ثابت , العراقى فى الأربعون العشارية (125) قال : صحيح , ابن حجر العسقلانى فى تخريج مشكاة المصابيح (4/425) حسن كما قال فى المقدمة وأيضاً فى الإمتاع (1/62) وقال حسن وقال ثابت فى فتح البارى (3/188) . وقال السخاوى فى البلدانيات (47) حسن بل وصححه غير واحد , وفى النوافح العطرة (151) قال محمد جار الله الصعدى : صحيح , وقال السفارينى الحنبلى فى شرح كتاب الشهاب (330) حسن الإسناد والمتن , وقال الشوكانى فى نيل الأوطار (4/152) ثابت وقال ابن باز فى مجموع الفتاوى (5/279) ثابت , وصححه الألبانى فى صحيح الترغيب (2256) وقال حسن لغيره وقال صحيح لغيره فى مختصر العلو (4) وصححه فى صحيح أبى داود (4941) , وقال الحاكم فى المستدرك : وهذه الأحاديث كلها صحيحة ووافقه الذهبى والخطيب فى التاريخ (3/260) , شعيب الأرناؤوط : صحيح لشواهده وفى موضع اخر صحيح (7383) وفى موضعين اخرين صحيح لغيره , والحوينى من أصح الأحاديث المسلسلة المتداولة , وصححه الخرقى وصححه أيضاً ابن ناصر الدين الدمشقى , بل وصححه عدد هائل من العلماء بحيث إن تتبعت ذكرهم جميعاً طال هذا المقام جداً ولكن يكفى هذا القدر .

وله شواهد كثيرة عن نيف وعشرين صحابياً منها حديث أبى إسحاق عن أبى ظبيان عن جرير مرفوعاً بلفظ : "من لا يرحم من فى الأرض لا يرحمه من فى السماء" أخرجه الطبرانى فى المعجم الكبير (2435) . وقال المنذرى فى الترغيب (3/155) وإسناده جيد قوى كذا قال والصواب قول الذهبى فى العلو (رقم:5) مختصره : رواته ثقات وذلك لأن أبا إسحاق هو السبيعى كان إختلط ثم هو مدلس .

أسانيدى إلى الحديث :

وهذا الحديث بفضل الله تعالى أروية عن الكثير وسأذكر هنا بعضهم لا على سبيل الحصر بعداً عن الإطالة , وممن أروى الحديث عنه :-

الشيخ محمد الأمين بوخبزة التطوانى , الشيخ أبو الحجاج العلاوى , والشيخ أكرم زيادة , والشيخ المهدى محمد الحرازى , والشيخ أشرف بن صالح العشرى والشيخ يوسف العتوم والشيخ أحمد بن مسعود بن محمد سليم والشيخ عبد القادر ديوانوالشيخ حسن بن حسن باسندوه والشيخ يحيى بن عثمان المدرس والشيخ عبد الرحمن بن شيخ الحبشى والشيخ أحمد بن فايز قناوى والشيخة مروة بنت حامد العليمى والشيخ صبحى السامرائى والشيخ نادر العنبتاوى والشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدى والشيخ صالح العصيمى وأرويه بالإستدعاء عن طريق شيخى أبى الحجاج العلاوى عن كلاً من الشيخ صبغة الله بن غلام نبى بن غلام محمد بن قطب الدين الباكستانى والشيخ زكريا بن أحمد بن الحاج حسين بن على الطالب المنبجى الحلبى المكى والشيخ مهليان محمد طه الأربعين الأندونيسى الصولتى المكى والشيخ طاهر بن سليمان بن حسن بن عمر بن على البحر القديمى الحسينى اليمانى المكى والشيخ عبد الغفار بن محمد بن حميدة بن بشير بن حميدة الجزائرى والشيخ عبد الوحيد بن ملك عبد الحق أمير بخش الهندى المدنى ,

وممن أرويه عنه وتحقق معى بشرطه الشيخ محمد شكور الميادينى رحمه الله تعالى .

حدثنا محمد شكور الميادينى ( وهو أول حديث سمعته منه ) حدثنى به مسند العصر محمد ياسين الفادانى ( وهو أول حديث سمعته منه ) قال : حدثنا به عمر حمدان المحرسى ( وهو أول حديث سمعته منه ) قال : حدثنا به أبو المكارم عبد الكبير الكتانى الفاسى ( وهو أول حديث سمعته منه ) قال : حدثنا الشيخ عبد الغنى الدهلوى ( وهو أول حديث سمعته منه ) قال حدثنا محمد عابد السندى ( وهو أول حديث سمعته منه ) قال : حدثنا الوجيه عبد الرحمن بن سليمان الأهدل (وهو أول حديث سمعته منه ) عن أمر الله بن عبد الخالق المزجاجى ( وهو أول حديث سمعته منه ) ح وحدثنى به الشيخ حسين أحمد عسيران ( وهو أول حديث سمعته منه ) عن محمد العربى العزوزى ( وهو أول حديث سمعته منه ) قال : حدثنا السيد محمد أبو طالب ( وهو أول حديث سمعته منه ) قال : حدثنا عبد الرحمن الكزبرى ( وهو أول حديث سمعته منه ) قال : حدثنا والدى محمد بن عبد الرحمن الكزبرى ومحمد بن أحمد بن بدير المقدسى ( وهو أول حديث سمعته منهما ) قال : محمد بن عبد الرحمن الكزبرى حدثنى أبى عبد الرحمن الكزبرى ( وهو أول حديث سمعته منه ) وقال المقدسى حدثنا مصطفى الدمياطى ( وهو أول حديث سمعته منه )

قالوا : المزجاجى والكزبرى الجد والدمياطى حدثنا ابن عقيلة المكى ( وهو أول حديث سمعناه منه ) عن أحمد البنا الدمياطى ( وهو أول حديث سمعته منه ) قال حدثنا محمد بن عبد العزيز الزيادى ( وهو أول حديث سمعته منه ) قال : حدثنا أبو الخير عمر بن عموس الرشيدى ( وهو أول حديث سمعته منه ) قال : حدثنا زكريا الأنصارى ( وهو أول حديث سمعته منه ) قال حدثنا الحافظ أحمد بن حجر العسقلانى ( وهو أول حديث سمعته منه ) قال : حدثنا عبد الرحيم العراقى ( وهو أول حديث سمعته منه ) قال : حدثنا أبو الفتح الميدومى  ( وهو أول حديث سمعته منه ) عن أبى الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم الحرانى ( وهو أول حديث سمعته منه ) عن أبى الفرج عبد الرحمن بن على بن محمد بن الجوزى ( وهو أول حديث سمعته منه ) عن سعيد إسماعيل بن أحمد بن عبد الملك النيسابورى ( وهو أول حديث سمعته منه ) عن أبيه أبى صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن ( وهو أول حديث سمعته منه ) عن أبى طاهرمحمد بن محمد بن محمش الزيادى ( وهو أول حديث سمعته منه ) عن أبى حامد أحمد بن محمد بن يحيى البزاز ( وهو أول حديث سمعته منه ) عن عبد الرحمن بن بشر بن الحكم العبدى ( وهو أول حديث سمعته منه ) عن سفيان بن عيينة (وهو أول حديث سمعته منه ) – وإليه ينتهى التسلسل بالأولية – عن عمرو بن دينار عن أبى قابوس مولى عبد الله بن عمرو بن العاص عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

" الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى , إرحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء "

ذكر ما أُلف فيه :

لقد أهتم الكثير بالعناية بهذا الحديث شرحاً وتخريجاً وتعليقاً وغيره ومنها :

1- أبو القاسم السمرقندى (ت : 536 ه ) وهو أول من صنف فيه .

2- أبو طاهر السلفى (ت: 576 ه ) وسمى كتابه المسلسل بالأولية .

3- أبو عمرو بن الصلاح الشهرزورى الحافظ _ت: 643 ه ) سماه مجلس فى حديث الرحمة سمعه الحافظ ابن حجر من السبط ابن العجمى .

4- أبو عبد الله القضاعى ( ت: 658 ه ) سمى كتابه المورد السلسل فى حديث الرحمة المسلسل .

5- أبو المظفر ابن العمادية الأسكندرانى (ت: 673 ه) له فيه مصنف عده الحافظ ابن حجر فى سماعاته .

6- الحسن بن عبد العزيز المالقى ( توفى بعد 700 ه ) سمى كتابه المشرع السلسل فى الحديث المسلسل .

7- عبد المؤمن بن خلف الدمياطى (ت: 705 ه) .

8- أبو البلقاء الأندلسى ( توفى بعد 740 ه) .

9- الحافظ شمس الدين الذهبى (ت: 748 ه ) سمى كتابه العذب السلسل فى حديث الرحمة المسلسل وذكره الحافظ ابن حجر فى سماعات عبد الرحمن بن محمد الدمشقى (ت: 825 ه ) .

10- أبو الفتح الميدومى (ت: 754 ه ) وهو أحد رواة الحديث وعليه مداره صنف فيه مصنفاً كما ذكرحاجى خليفة .

11- تقى الدين السبكى (ت: 756 ه ) .

12- سراج الدين ابن الملقن (ت: 804 ه ) وهو شيخ الحافظ ابن حجر وقد سمعه منه واسمه المسلسل بالأولية .

13- الحافظ زين الدين العراقى (ت: 806 ه ) وهو من شيوخ الحافظ ابن حجر أيضاً .

14- محمد بن عبد الله بن ظهيرة المكى (ت: 817 ه ) خرج لنفسه جزءاً أوله حديث المسلسل بالأولية .

15- أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقى (ت: 826 ه ) وهو نجل الحافظ زين الدين العراقى السابق .

16- جمال الدين المرشدى المكى الحنفى (ت: 830 ه ) .

17- الحافظ محمد ابن ناصر الدين الدمشقى (ت: 842 ه ) له مجالس مشهورة ومطبوعة والمجلس الأول منها فى أماليه فى حديث المسلسل بالأولية .

18- قطب الدين الخيضرى (ت: 894 ه ) سمى كتابه المسالك العلية للحديث المسلسل بالأولية .

19- الحافظ شمس الدين السخاوى (ت: 902 ه ) تناول حديث المسلسل بالأولية ضمن كتاب له فى أحاديث الرحمة ذكره فى المقاصد الحسنة .

20- أبو الفتوح الدباغ (ت: 1174 ه ) له رسالة فى شرح هذا الحديث .

21- شهاب الدين أحمد بن الحسن الجوهرى (ت: 1181 ه ) صنف رسالة فى شرح هذا الحديث أشارإليه نجله محمد .

22- العلامة اللغوى الحافظ محمد مرتضى الزبيدى (ت: 1205 ه ) له فيه عدة رسائل أشهرها جزء فى تخريج هذا الحديث برواية شيخه صفى الدين البخارى (ت: 1200 ه ) سماه العروس المجلية فى أسانيد الحديث المسلسل بالأولية وهو مطبوع ضمن لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام .

23- هبة الله محمد بن يحيى البعلى (ت: 1214 ه) .

24- أبو الفتح محمد الأميوطى اللخمى ( لم تؤرخ وفاته ) ذكر له كتاب فيه اسمه العقد المفصل فى الحديث المسلسل .

25- عطاء الله بن أحمد المكى الأزهرى (لم تؤرخ وفاته) .

26- أحمد بن عبد الله الشامى المخللاتى (ت : بعد سنة 1309 ه) له رسالة مخطوطة فى شرح المسلسل بالأولية .

27- الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطى (ت : 1363 ه) له رسالة فى الكلام على هذا الحديث طبعت بمصر .

28- عبد الحى بن عبد الكبير الكتانى (1382 ه) له فيه عدة رسائل وقد ذكر فى كتابه فهرس الفهارس بعض المصنفات فى هذا الحديث .

29- صالح بن أدريس الأركانى (ت : 1418 ه) له فيه رسالة سماها العقد المفضل فى حديث الرحمة المسلسل .

30- الشيخ عبد الله الحجى الحضرمى ثم المكى المعاصر , له رسالة سماها إعانة رب البرية على جمع تراجم الحديث المسلسل بالأولية .

31- ياسر بن إبراهيم المزروعى المعاصر أيضاً له فيه رسالة سماها إخلاص النية فى الحديث المسلسل بالأولية .

32- أبو عبد الله محمود بن محمد وهو معاصر أيضاً , له كتاب الأمنية فى تخريج المسلسل بالأولية جعله كالتتمة لمجلس ابن ناصر الدين الأول الذى ألقى فيه أمالى عن هذا الحديث .

33- يحي بن عبد الله البكرى الشهرى له كتاب سماه النفحة الإلهية فى شرح الحديث المسلسل بالأولية وكان قد سماه أولاً فتح رب البرية .

34-  أسانيد حديث المسلسل بالأولية لبعض المحدثين المعاصرين جمع بعض طلبة العلم فى الملتقيات العلمية .

35- شرح الحديث المسلسل بالأولية برواية المحدث عبد الله السعد .

 طرق الحديث :-

الطريق الأول : طريق سفيان عن عمرو بن دينار عن أبى قابوس قال سمعت عبد الله بن عمرو يرفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم .

سفيان : هو ابن عيينة : ابن أبي عمران ميمون مولى محمد بن مزاحم ، أخي الضحاك بن مزاحم الإمام الكبير حافظ العصر ، شيخ الإسلام أبو محمد الهلالي الكوفي ، ثم المكي مولده : بالكوفة في سنة سبع ومائة .

وطلب الحديث ، وهو حدث ، بل غلام ، ولقي الكبار ، وحمل عنهم علما جما ، وأتقن ، وجود ، وجمع وصنف ، وعمر دهرا ، وازدحم الخلق عليه ، وانتهى إليه علو الإسناد ، ورحل إليه من البلاد ، وألحق الأحفاد بالأجداد

وترجمته فى : -

ابن المدينى فى العلل (41) , ابن سعد فى طبقاته (5/497) , البخارى فى التاريخ الكبير 2/94 , وفى التاريخ الصغير 2/283 , وابن قتيبة فى المعارف (506) , ويعقوب البسوي فى المعارف والتاريخ (1/183 , 187) , والطبرى فى الذيل المذيل (108) , وابن أبى حاتم فى تقدمة المعرفة (32-55) , وفى الجرح والتعديل 4/225 , وابن حيان فى مشاهير علماء الأمصار (149) , والرامهرمزى فى المحدث الفاصل (616) , وابن النديم فى الفهرست (282) , وأبو نعيم فى الحلية (7/270 – 318) , والخطيب البغدادى فى تاريخ بغداد (9/174 – 184) , ابن القيسرانى فى الجمع (1/195) , ابن الجوزى فى صفوة الصفوة (2/130) , أبو المؤيد الخوارزمى فى جامع المسانيد (2/468) , النووى فى تهذيب الأسماء واللغات (1/224) , ابن خلكان فى وفيات الأعيان (2/391) , الذهبى فى الميزان (2/170) , تذكرة الحفاظ (1/262) , الكاشف (1/379) , ابن أبى الوفاء فى الجواهر المضيئة ترجمة رقم (647) , الحفاظ العراقى فى فتح المغيث (4/159) , الفاسى فى العقد الثمين (4/591) , ابن الكيال فى الكواكب النيرات مخطوط (عن رسالة عبد القيوم عبد النبى الباكستانى ص 130 لنيل الماجستير غير مطبوعة) , وعبد الله الطيب أبو مخرمة فى تاريخ ثغر عدن (94-95) , ابن الجزرى فى غاية النهاية (1/318) , ابن حجر فى التقريب (1/312)  وفى تهذيب التهذيب (4/117 – 122) , وفى طبقات المدلسين (9) , والعينى فى عمدة القارى (1/17) , وأبو المحاسن ابن تغرى فى النجوم الزاهرة (2/158) , والسيوطى فى طبقات الحفاظ (113) , الحافظ الخزرجى فى خلاصة تهذيب الكمال (145) , والداوودى فى طبقات المفسرين (192) , والشعرانى فى اللواقح (1/56) , ابن العماد فى شذرات الذهب (1/354) , وقد جمع له ترجمة طيبة أحمد صالح محايرى فى مقدمة تفسير سفيان بن عيينة (105-187)

وعمرو بن دينار : هو لإمام الكبير الحافظ أبو محمد الجمحي مولاهم المكي الأثرم ، أحد الأعلام وشيخ الحرم في زمانه . ولد في إمرة معاوية سنة خمس أو ست وأربعين .

وسمع من ابن عباس ، وجابر بن عبد الله ، وابن عمر ، وأنس بن مالك ، وعبد الله بن جعفر ، وأبي الطفيل وغيرهم من الصحابة .

وترجمته فى : سير أعلام النبلاء (5/ 301 – 308) , قبول الأخبار ومعرفة الرجال للكعبى (1/ 259) , الجامع لعلوم الإمام أحمد (18/351-357) , إكمال تهذيب الكمال (10/162-167) , مجالس ابن ناصر الدين (263 , 460) , تقريب التهذيب (734) , الطبقات لابن سعد (8/40 – 41) , تهذيب الكمال (22 / 5) , تاريخ الدورى (2 / 442) , وتاريخ الدارمى – الترجمة 294 , تاريخ خليفة (368) , وطبقاته (281) , علل ابن المدينى (36 , 38 , 44) , علل أحمد (1/20 , 31 ,46 , 72 ,242)  , تاريخ البخارى الكبير (6/ الترجمة 2544 – 4/ الترجمة 2441) , ترتيب علل الترمذى الكبير(الورقة 33 , 38) , التاريخ الصغير (1/119 , 170 , 326 , 327 – 2/7) , ثقات العجلى 41) , جامع الترمذى (523) , المعرفة ليعقوب (1/704 و 2/18 – 22 , 585) , تاريخ أبى زرعة الدمشقى (252 , 410 , 450 , 451 , 511) , الجرح والتعديل (6/ الترجمة 1280) , وتقدمته (46 , 49 , 147 , 244) , والمراسيل (143) , وثقات ابن حبان (5/167) , ثقات ابن شاهين ( الترجمة : 849) , علل الدارقطنى (1/13 , 3/199) , رجال صحيح مسلم لابن منجويه (128) , السابق واللاحق (281) , الجمع لابن القيسرانى (1/314) , تذكرة الحفاظ (1/113) , الكاشف (2/ الترجمة 4215) , معرفة التابعين (31) , تهذيب التهذيب (3/97 , 8/28 - 30) , تاريخ الإسلام (5/74) , ميزان الإعتدال (3/ الترجمة : 6367) , العقد الثمين (6/374 – 376) , جامع التحصيل الترجمة : (563) , نهاية السول (471) , غاية النهاية (1/600) , خلاصة الخزرجى (2/ الترجمة : 5488) , شذرات الذهب (1/171) .

وأبى قابوس : مولى عبد الله بن عمرو بن العاص حديثه فى أهل الحجاز من الرابعة وهو مقبول لا سيما فى المتابعات .

وأبى قابوس : غير منصرف للعجمة والعلمية قطع بهذا غير واحد ممن يعتمد عليه كذا فى مرقاة الصعود

روى عن : مولاه عبد الله بن عمرو بن العاص .

روى عنه : عمرو بن دينار وقد تفرد عنه .

روى له : أبو داود والترمذى .

وقد دافع الشيخ أحمد شاكر رحمه الله فى تحقيقه للمسند دفاعاً جيداً لرفع الجهالة عنه وتضعيفه وقال بعد تلك المدافعه كلاماً جميلاً أرى فى نظرى أنه يتعلم منه كل طالب علم حديث منذ زمنه إلى أن يرفع الله العلم وهو كالتالى :

والذى يظهر لى من ترجمته أنه ليس معروفاً عند أهل الحديث بكثرة التحديث أو الصنعة الحديثية لكن هذا لم يؤدى إلى أن يكون مجهول الحال ويبدو أن أهل هذا العلم لم يعتنوا بترجمته عنايةً تامة لما ذكرت آنفاً لكنه كان معروفاً على الأقل للرواة فى عصره وليس ممن رسخت قدمهم فى هذا العلم فيكون ثقةً مثلاً وأحق ما قيل فيه أنه مقبول إن توبع وهذا هو الذى يظهر من أهل العلم ممن رووا عنه وصححوا حديثه والله تعالى أعلى وأعلم أ.هــ .

وترجمته فى :-

تهذيب الكمال (34/191 – 192) , تهذيب التهذيب (12/203) , تقريب التهذيب (1192) , التاريخ الكبير (9/64) , تحفة الأشراف (6/154-155)

وعبد الله بن عمرو : هو الصحابى الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان 27 ق.هـ - 65 هـ

وقد أسلم قبل أبيه في ما بلغنا ، ويقال : كان اسمه العاص ، فلما أسلم ، غيره النبي - صلى الله عليه وسلم - بعبد الله .

وله مناقب وفضائل ومقام راسخ في العلم والعمل ، حمل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - علما جما .

يبلغ ما أسند سبعمائة حديث اتفقا له على سبعة أحاديث ، وانفرد البخاري بثمانية ، ومسلم بعشرين .

وكتب الكثير بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم - وترخيصه له في الكتابة بعد كراهيته للصحابة أن يكتبوا عنه سوى القرآن وسوغ ذلك - صلى الله عليه وسلم - ثم انعقد الإجماع بعد اختلاف الصحابة - رضي الله عنهم - على الجواز والاستحباب لتقييد العلم بالكتابة .

وترجمته فى :-

التاريخ الكبير (5/5) , التاريخ الصغير (1/124 , 140 , 239) , الولاة والقضاة (37,38 ,11 ) , فتوح مصر وأخبارها (34 , 57 , 69 - 72 , 82 , 85 , 114 , 118 – 119 , 122 – 124) , تذكرة الحفاظ (1/134) , الطبقات لابن سعد ( 2/321 , 5/82 , 9/500) , تهذيب الكمال (15/375,376) , تهذيب التهذيب (5/337-338) , تقريب التهذيب (530) , خلاصة تذهيب (2/83) , تاريخ ابن يونس الصدفى (93/37 , 133/55 , 137/56 , 390/147) , الإصابة فى تمييز الصحابة (4/165-167) , أسد الغابة ت (3092) , الإستيعاب ت (1636) , الثقات (3/211) , الرياض المستطابة (196) , الكاشف (2/113) , الجرح والتعديل (5/116) , التحفة اللطيفة (2/363) , تجريد أسماء الصحابة (11/326) , أزمنة التاريخ الإسلامى (1/731) , بقى بن مخلد (9) , طبقات فقهاء اليمن (71) , الأعلام (4/111) , طبقات علماء إفريقيا وتونس (44 ,59 , 62 , 38 , 73) , النجوم الزاهرة (20) , صفة الصفوة (1/655) , الوافى بالوفيات (17/380) , شذرات الذهب (1/62,73) , العبر (1/72) , غاية النهاية (1/439) , سير أعلام النبلاء (3/79) , طبقات الحفاظ (10) , الأنساب (7/317) , الجمع بين رجال (879) , الزهد الكبير(148) , التبصرة والتذكرة (1/251) , الصمت وآداب اللسان – فهرس – (667) , تفسير الطبرى (10/11813 , 12073 , 12075 , - 14/17001) , صيانة صحيح مسلم (232) .

الطريق الثانى : طريق حماد بن سلمة عن قتادة عن أبى أمامة الثقفى عن عبد الله بن عمرو وأخرجه الدولابى فى الكنى والأسماء عن أبى ثمامة بدل بدل أبى أمامة , ورواه الرامهرمزى فى المحدث الفاصل عن عمرو بن أوس بدلاً من أبى قابوس وهو عمرو بن أوس بن حذيفة الطائى , وقد روى عن عبد الله بن عمرو ويبدو أن أبى أمامة هو بن سهل وقد عده الذهبى وابن حجر من الصحابة وأبى ثمامة تصحيف لأبى أمامة والله تعالى أعلم .

وهذا الإسناد ضعيف .

وقد روى عنه ها هنا قتادة وهو مع جلالة قدره وجودة حفظه إلا أنه مدلس وقد عنعنه ففى الإسناد علة بالإنقطاع بين قتادة وأبى أمامة والله تعالى أعلم .

كما أن هناك إضطراب فى هذا الإسناد فمرة نجد من يرويه عن أبى أمامة ومرة عن أبى ثمامة كما سبق .

ولم أجد سوى هذين الطريقين للحديث بلفظه كما ذكرتُ سابقاً وأنا متقيد باللفظ ها هنا , وللحديث طرق أخرى ولكنها شديدة العلة فلا داعى لذكرها ها هنا .

فوائد الحديث الإسنادية :-

1- سبب تسميته بالمسلسل بالأولية :

قد درج المتأخرون من المحدثين على الإفتتاح به فى سماعهم وإسماعهم وهو يدخل فى باب اللطائف الإسنادية لما فيه تسلسل الأولية , ولقد لهجت به ألسنة المحدثين بشرطه فافتتحوا به مجالس التحديث والأمالى وضمنوه مسموعاتهم وإجازاتهم بل صنفوا فيه المصنفات الكثيرة ونظموا فيه الأشعار الطريفة وأستخرجوا منه الكثير من الفوائد الإسنادية والمتنية , وقد تكلف البعض فى ذكر مناسبة بداءة المحدثين بإسماع هذا الحديث وسماعه بأشياء غريبة لا يسندها صحيح النقل ولا صريحُ العقل , وقد رد عليها الشيخ يحيى بن عبد الله البكرى فى كتابة النفحة الإلهية فى شرح الحديث المسلسل بالأولية .

والحقيقة أن هذا أمر يجب التنبيه عليه جيداً فمع تعظيمنا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أننا يجب الحذر من التكلف المفرط لا سيما فى حديث شهير كهذا وأمثاله .

وأظنُ أن ما سبق يوضح أيضاً سبب إيرادى لهذا الحديث وتصدير جامعى به .

2- لا يظُن ظان أن تضعيف الحديث المروى إلى المتأخرين أو إلينا تضعيفاً للحديث فى متنه أو إسناده إن صح فى دواوين السنة المحفوظة إلا مع بيان ما سبق حتى لا يُلبس على السامع بتضعيف حديث صحيح محفوظ فى دواوين السُنة :

قال ابن الصلاح فى مقدمته : فلم تسلم المسلسلات من ضعف أعنى فى وصف التسلسل لا فى أصل المتن ومن المسلسل ما ينقطع تسلسله فى وسط إسناده وذلك نقص فيه وهو كالمسلسل بأول حديث سمعته على ما هو الصحيح فى ذلك .

3- صفة سماع هذا الحديث وتحمله :

فهذا الحديث يدخل فى باب السماع من لفظ الشيخ وهو أرفعُ الأقسام عند الجماهيرخاصة فى الطبقات التى دخلها شرط التسلسل , وهذا الحديث له شرط فى التحمل والأداء وهو أن يكون سماعاً أولياً أوليةً حقيقية وأداؤه كذلك لكى ينطبق على شرط التسلسل .

4- معرفة زمان ومكان الراوى :

وهذا يحدث للمتأخرين والمعاصرين فهناك منهم من يقول فى مكان كذا يوم كذا عصراً مثلاً وهكذا .

وهذا أمرَ جيد وإثبات حقيقى للسماع .

أما عن عصرنا فحدث ولا حرج لا سيما مع إنتشار الكاميرات ونحوه ولكن لا داعى بالطبع لكل هذا وهو أمرَ يميل أكثر للمراءاة ثم إن زمن الرواية الحقيقى إنتهى والسنة حفظت فى دواوين الإسلام المعروفة والحمد لله أما رواياتنا هذه فما هى إلا رواية شرفيه وإثبات للمهتمين بهذا العلم إجمالاً بتلقى هذه الدواوين بالقبول من جيل إلى جيل وهو أمرَ هام إجمالاً .

5- مدى التسلسل فى هذا الحديث :

والحديث ينتهى فيه التسلسل إل سفيان بن عيينة أما من وصله إلى آخره فقد وهم وهناك من عدد التسلسل فى هذا الحديث سواء فى المكان أو الزمان أو الموالى أو الكنية أو غيره .

* والآن بعد أن إنتهينا من إثبات كلام سيد الخلق صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نشرح حكمته عليه الصلاة والسلام ..

ولا يظن من يقرأ ما سبق أن كل هذا مجرد إكثار وإطالة لا طائل من ورائها ولكن حفاظاً على سنة نبينا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وهذا مهمة كل طالب علم حديث لا سيما مع طول الزمان بيننا وبين زمن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فأنت عندما تسمع حديث ما وتريد معرفة صحة نسبة الكلام إلى النبى صلى الله عليه وسلم فتجد عالماً ما أو طالب علم ثقة يذكر لك صحة الحديث من ضعفه سواء كان نقلاً عن عالم أو له إجتهاد فى التحقق من الحديث والحكم عليه أو عالمَ ما إطلع على سنده وخرجه وأفتى بالحكم عليه ثم تجدُ عالمَ ما فعل ما سبق وصححه وعالم آخر فعل ما سبق وضعفه فيحدث عندك إضطراب وبالطبع لا حرج لمن فعل ذلك طالما إجتهد أو نقل ولكن ما زلنا نتمسك فى لُب الموضوع فإن كان ضعيفاً ما حمينا السَنة هكذا وربما أقمنا بدعة وإن كان صحيحاً وتم تضعيفه فقد ضيعنا سُنة وكل سنة تضيع يقوم مقامها بدعه لأنها البديل الطبيعى لها .

لذلك أتمنى أن يتبنى العلماء وطلاب العلم الخاصين بهذا العلم هذا المشروع فلو كل مجموعة تحققوا تحقيقاً بحتاً من الأحاديث المُختلف فيها لقاموا بعمل جيد حقاً لهذه الأمة وأطمأن قلب كل من يقرأ أو يسمع تلك الأحاديث ولكى يكتمل هذا الرأى بصحة لابد أن تعلم أنه ربما يظهر كتاباً كان مخطوطاً يضعف رواية ما أو يصحح رواية ما وهذا بالطبع بخلاف الأحاديث المُجمع على صحتها من العلماء ولكن سيكون هذا المشروع جيد أيضاً لأن الباحث سيبدأ من حيث إنتهاء هذا المشروع فلا داعى لأن يقوم بكل هذا من جديد وهكذا هو علم الحديث كالبنيان كل عالمَ وكل جيل من العلماء يبنى حجراً فى جداره حتى يكتمل البناء .

وأول من نبهنى إلى ذلك ورأيته فى كتبه شيخى الحبيب أبى إسحاق الحوينى حفظه الله ولابد من ذكر ذلك لعدم إنكار فضله وأسأله الله تعالى أن يجازيه خيراً على ما قدمه للأمة الإسلامية .

شرح متن الحديث :-

قوله الراحمون : أى لمن فى الأرض من آدمى وحيوان وحتى لم يؤمر بقتله وحتى جن بنحو شفقة وإحسان ومواساة وإحسان إليهم .

وسُبل الرحمة كثيرة جداً منها :

إغاثة الملهوف , وإعانة الحيران , وإفادة المستفيد , وإرفاد المستزيد , وحمل الكل , ونفع الكل , والعفو عن القصاص بالجملة , والإحسان فى القتلة , والمنع من المثلة , وإستحباب تحديد آلة الذكاة لسرعة إزهاق الروح ومواراتها حين إرادة الذبح عن المذبوح وكف الأذى عن جميع الأنواع وصلة الأرحام والرحمة بالنفس بتوجيهها للحق والبعد عن المعاصى والذنوب وطريق الضلال والرحمة بالبشر ومن كل ما سبق نستخلص أن الرحمة أولاً تكون بالبشر حتى فى الحروب فلنا كمسلمين أخلاقنا وآدابنا المعروفة فيها وحتى فى إقامة الحدود وهكذا .

ثم الرحمة بالمخلوقات جميعاً سواء كان حيواناً أو نباتاً أو جماداً فقد قال الله تعالى :

(تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)[1]

( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ )[2]

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ۖ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ)[3]

وهذه الآيات وإن أختلف فى تفسيرها إلا أنها تعضد بعضها بعضاً فى تسبيح كل شىء من حى وشجر وجماد وغيره .

فكما ذكرنا أن الرحمة تكون بالمخلوقات جميعاً ومنها الحيوان المأكول منها ومما يدل عليه الحديث الذى أخرجه الإمام مسلم "إن الله كتب الإحسان على كل شىء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته "[4] , وكذلك مالا يؤكل فمثل حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " عذبت امرأة فى هرة حبستها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هى أطعمتها وسقتها إذ هى حبستها ولا هى تركتها تأكل من خشاش الأرض "[5] , وقد جاء فى الصحيحين وغيرهما من رواية أبى هريرة رضى الله تعالى عنه مرفوعاً بينما رجل يمشى فاشتد عليه العطش فنزل بئراً فشرب منها ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال لقد بلغ هذا مثل الذى بلغ بى فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقى فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له قالوا يا رسول الله وإن لنا فى البهائم أجراً قال فى كل كبد رطبة "[6]

وفى حديث آخر فى الصحيحين أيضا عن أبى هريرة مرفوعاً " بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغى من بغايا بنى إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها بها "[7]

حتى فى النباتات فقد أمر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم بعدم قطع الأشجار المثمرة دون الحاجة إلى ذلك لمجرد العبث والإعتداء عليها بغير حق والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة أيضاً كثيرة مثل قول الله تعالى ( وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ )[8]

وهذا يدخل فى باب الإقتصاد فى نفس الإنسان مع كل شىء وهو من أجزاء النبوة ولى بحث خاص فى جمعها ما زال قائماً حتى كتابة هذه السطور .

وحتى مالا يُرى كالجن كما دل على ذلك عليه ما ورد فى الصحيحين وغيره " نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن الإستنجاء بالعظم والروث لأن العظم الذى يُذكر اسم الله عليه طعام إخوانكم من الجن والبعرة علف لدوابهم"[9]

والرحمة باب واسع وفيه الرحمة بكل شىء وما أشرنا به سابقا فيه دليل على سعة هذا الباب والإشارة لتوسعة الرحمة فيه .

قوله : يرحمهم الرحمن : وقد تباينت الروايات فى اسماء الله سبحانه وتعالى فى هذه اللفظة قال المباركفورى والصور التى جائت عليها الروايات :

يرحمهم الرحمن

والصورة الثانية : الله بدلاً من اسم الرحمن وكذا وقع فى رواية الطبرانى عن خالد بن نزار وفى رواية الرامهرمزى عن عبد الله بن محمد الزهرى وفى رواية الحاكم عن على بن المدينى وكذا وقع فى رواية الشاذكونى عند الخطيب وهى من مسند ابن عباس .

الصورة الثالثة : الرحيم وجاء هذا فى رواية أبى سعيد ابن الأعرابى حدثنا الحسن بن محمد الزعفرانى حدثنا سفيان عن عمرو عن أبى قابوس عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنه يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم قال " الراحمون يرحمهم الرحيم ..." [10] .

وفى لفظ الحكيم الترمذى " الراحمن يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى " , وفى لفظ الديلمى " عز وجل "

ومن ذلك أن يحسن إليهم ويتفضل عليهم والجزاء من جنس العمل وهذا إجمالَ بعده تفصيل كما سيأتى فى اللفظة القادمة .

قوله : إرحموا من فى الأرض : تم ذكرهم بالتفصيل فى شرح لفظة الراحمون .

قوله : يرحمكم من فى السماء : للعلماء فيها ثلاثة أقوال :-

الأول : أنه الرحمن سبحانه وتعالى

الثانى : أنهم الملائكة

الثالث : أنه جبريل عليه السلام

ويحتمل فى تأويل الحديث القول الأول والثانى أما الثالث فهو بعيد وهناك من منع من الرأيين الثانى والثالث وأكتفى بالأول وسيأتى تفصيل ذلك :

أما عن الرأى الأول فهو مفهوم من لفظ الحديث فطلب الرحمة لا يكون إلا من الله سبحانه وتعالى وهو واضح من لفظ (من فى السماء) والحقيقة أن اللفظ يحتمل التأويلين وإن كان المراد به الله سبحانه وتعالى فالتنكير فيه للتعظيم كما هو معروف مثل قوله تعالى : أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ  [11](17)حَاصِبًا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ  

وقد أورد القرطبى وغيره التفاسير الثلاثة وفى حديث الجارية حين سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أين الله ) فقالت فى السماء[12] وفى الرواية الأخرى أشارت إلى السماء وبالطبع ليست السماء تحتويه تبارك وتعال ولكنه فوق السماوات فهو الأول والآخر والظاهر والباطن وهذا فى حد ذاته يقوى الرأى الثانى وسيأتى تفصيلاً ...

 كما أن هذا هو المتبادر إلى الذهن وهو الواضح من ظاهر الحديث وأما من قصره على الملائكة أو جبريل عليهم السلام جميعاً فقد حجر واسعاً .

وأما عن الرأى الثانى : أنهم الملائكة قال العلامة السندى فى حاشيته على المسند : (يَرْحَمْكُمْ) بالجزم على جواب الأمر، ويمكن الرفع على الاستئناف بمنـزلة التعليل على معنى يرحمكم إن رحمتم، (أَهْلُ السّمَاءِ) أي سكان السماء من الملائكة الكرام، ورحمتهم بالاستغفار لهم وللدعاء، وتفسيره بالله بعيد). اهـ[13]

وقد روى بالرفع والجزم .

وهنا يظهر نزاع بين العلماء ففريق يقول أنه الله سبحانه وتعالى ولا يجوز طلب الرحمة من غيره وفريق يقول أنهم الملائكة أو جبريل والحديث يفسر برواياته كما هو معروف عند العلماء لاسيما وقد صحت لفظة أهل السماء ولا يجوز إطلاق لفظة أهل على الله عز وجل وأما من ضعفها فقط لميله للرأى الأول وعدم جواز التفسير الثانى وهذا تكلف .

وأما ما أختاره وبالله التوفيق فأقول : أنه يحتمل التأويلين فالحديث ليس فيه إضطراب ولكن ربما كرره النبى صلى الله عليه وسلم وربما كان مقصد النبى صلى الله عليه وسلم مرة هكذا ومرة هكذا والله تعالى أعلم فطلب الرحمة فعلاً لا يكون ولا يجوز إلا من الله تعالى والذين أولوه أنهم الملائكة فليس مقصودهم طلب الرحمة منهم ولم يقل الناس ذلك بل القائل هو الشارع نفسه وإلا لطلبنا منهم الرحمة والمغفرة والمعونة والسؤال وغيره وهذا لا يكون إلا لله ولكن المقصود أن الملائكة تستغفر له وتدعو له وتذكره عند الله وهكذا كما دلت عليه الآيات والأحاديث الصحيحة والذى يأمرهم بذلك هو الله عز وجل ذاته تبارك وتعالى ولا يطلبها العبد منهم ومن أدلة ذلك :

قال تعالى : (وَالمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الشُّورى 5)، وقال سبحانه (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجَحِيمِ)[14]

وفى الحديث عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

إنَّ اللَّهَ إذا أحَبَّ عَبْدًا دَعا جِبْرِيلَ فقالَ: إنِّي أُحِبُّ فُلانًا فأحِبَّهُ، قالَ: فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنادِي في السَّماءِ فيَقولُ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّماءِ، قالَ ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ، وإذا أبْغَضَ عَبْدًا دَعا جِبْرِيلَ فيَقولُ: إنِّي أُبْغِضُ فُلانًا فأبْغِضْهُ، قالَ فيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنادِي في أهْلِ السَّماءِ إنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلانًا فأبْغِضُوهُ، قالَ: فيُبْغِضُونَهُ، ثُمَّ تُوضَعُ له البَغْضاءُ في الأرْضِ[15]

ومن حديث أبو أمامة الباهلى : قول النبى صلى الله عليه وسلم :

فضلُ العالمِ على العابِدِ ، كفَضْلِي علَى أدناكم ، إِنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ وملائِكتَهُ ، و أهلَ السمواتِ والأرضِ ، حتى النملةَ في جُحْرِها ، وحتى الحوتَ ، ليُصَلُّونَ على معلِّمِ الناسِ الخيرَ[16]

وغيره الكثير من الأدله وضوابطه هى :

* الطلب لا يكون إلا من الله سبحانه وتعالى .

* أن الله هو من يأمر الملائكة بالإستغفار وغيره وليس من أنفسهم قال تعالى ( لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )[17]

وبذلك تجتمع الروايات وينتهى الخلاف ولا داعى للتمسك والتشدد بأحد الرأيين وتخطىء الرأى الأخر دون توسع فى فهم الحديث ودلالاته ورواياته وتأويلاته وأصل الشريعة نفسها فيما يوافق كلا التأويلين والتأمل الجيد فى ذلك كله وهذا الرأى هو ما أختاره والله تعالى الموفق للصواب .

التأويل الثالث : أنه جبريل عليه السلام لأنه الموكل بالعذاب فهو إجتهاد من الإمام القرطبى ومن تبعه بل هو نفسه ناقل لرأى لقوله قيل هو جبريل .. الخ

ومن قال بذلك فقد حجر واسعاً , كما أنه طالما موكل بالعذاب فعكسها الرحمة وهذا هو المحظور الذى ذكرناه سابقاً لذلك أستبعد هذا الرأى تماماً والله تعالى أعلى وأعلم .

 ( ملحوظة : هذا العمل متجدد إلى أن يشاء الله أن ينتهى )

 

 

 



[1] الإسراء (44)

[2] الحج (18)

[3] النور (41)

[4] مسلم (1955)

[5] متفق عليه

[6] متفق عليه

[7] متفق عليه

[8] البقرة (205)

[9] متفق عليه

[10] وهو فى مجالس ابن ناصر الدين (183)

[11] الملك (16 , 17)

[12] رواه مسلم  (537) وأبو داود (3282)

[13] (4/297)

[14] غافر (7)

[15] متفق عليه

[16] رواه الترمذى (2685) , والطبراني (8/278) (7911، 7912)، وابن شاهين في ((الترغيب في فضائل الأعمال)) (216) باختلاف يسير وصححه الألبانى .

[17] التحريم (6)



[1] سورة  ال عمران 102

[2]  سورة النساء 1

[3]  سورة الاحزاب 70- 71

 

[4] الكهف آية (82)

[5] أخرجه مسلم (1631) وأبو داود (2863) والترمذى (1376) والنسائى (6/251) وأحمد (2/316,350,372)

[6] فتح المفيث ج3 ص 269-271


Comments